الاثنين، 8 مارس 2010

لماذا شاع التعصب الديني؟


لماذا شاع التعصب الدينيأعلن في البدء إجلالي لمصطلح السلفية الذ ي يعني أخذ الدين عمن نزل عليهم من الصحابة الكرام وأشباههم فهم خير القرون كما روي، وكني لابد أيضا أن أعلن اختلافي التام مع من ادعوا أنهم سلفيون وحولوا المصطلح الطاهر العظيم إلى ممارسات جامدة وآراء مضحكة مبكية حتى باتوا – دون – قصد خنجرا في ظهر الأمة لم يتوقف نزف جراحه حتى ضعف الجسد وصار راكعا على ركبتيه في إعياء.والسؤال الذي أحاول الإجابة عنه في هذه السطور هو: لماذا أقبل المسلمون على هذا النوع من التدين؟ ولماذا تكاثر الأتباع رغم ما يعتري المتبوع من عوار مفضوح وسقم لا يحتاج في تشخيصه للماهر من الأطباء وإنما يكفي صاحب النظر والقليل من العقل أن يهدم هذا البناء الورقي الذي هو في النهاية زائل أمام فيضان الإسلام العاقل الحقيقي.والإجابة: أن ما نلاحظه من انتشار للآراء المتعصبة وتفضيل لها على كافة المستويات سواء مستوى العلماء والشيوخ أو مستوى المتلقين والمريدين له عدة أسباب أختار منها في مقالتي هذه :انحدار مستوى التعليم والثقافة فالعقول التي اعتادت الكسل ورفضت التفكير والبحث والاجتهاد والأخذ بالأسباب لابد وأن تفضل الجمود والتعصب على الاجتهاد والتفكير فأسهل ما تواجه به من يخالفها اتهامه بالابتداع حتى أسموا من خالفهم بالعصراني على اعتبار أن توافق الإنسان مع عصره تهمة يجب الخجل منها واشتهروا بين سائر المفكرين وأصحاب الآراء بأنهم أصحاب رأي أحادي ولا يرضى مطلقا بالرأي المخالف ولا يسمح له بالتواجد بل يرميه بتهم معلبة كالابتداع أو الكفر أو العمالة أو عدم تلقي العلم عن الثقات وبديهي أنهم اعتبروا أنفسهم وشيوخهم هم الثقات لا غيرهم حتى تطاولوا على كبار رموز الأمة وعلمائها كالشيخ محمد الغزالي والشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ سيد قطب والشيخ يوسف القرضاوي وغيرهم فرموهم بالشطحات الصوفية والاقتصار على اللة ي هم القرآن ومخاصمة السنة النبوية ويرها من التهم التي لا يمكن أن توه لمثل هذه القامات السامقة وإن كان هذا دليلا على ما أقول نا نلاحظ أن الشيوخ الأجلاء السابق ذكرهم كلهم من المصريين الذين نالوا قدرا من التعليم والثقافة لم تتوفر لغيرهم وعاشوا في بيئة حضرية تتميز بالخصوبة في الكثير من المجالات خصوصا حرية الرأي والتعبير والتفكير وكذلك الارتقاء الفني الأدبي ففي الوقت الذي سطع في سمائنا كبار الشعراء والأدباء والمفكرين والفنانين كأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وعباس العقاد والرافعي ومحمد عبد الوهاب وغيرهم الكثير الذين إذا تتبعنا أسماءهم لملأنا المئات من الصفحات كان غيرهم يعيش حياة البداوة والبدائية والأمية المتفشية والجهل المطبق وإلا فأين أسماؤهم التي يمكن أن تضاف في نفس المرتبة مع العظماء السابق ذكرهم .أقول أن هذا الفارق الحضاري هو الذي فرق بين شيوخنا العظماء وشيوخهم وآرائهم التي تأثرت بطور البداوة فيهم أكثر مما تأثرت بالإسلام ثم جاءت النكسة الحضارية لتشملنا معهم فتراجع دور مصر ورقيها وحضارتها حتى عجزنا أن نضيف أسماء أخرى لمثل التي سبق ذكرها وإلا فمن نستطيع أن نصفه الآن بأنه كأحمد شوقي أو العقاد أو الرافعي أو عبد الوهاب أو غيرهم ،ولما تراجعنا صار البدو قدوتنا وصار فقههم دينا لنا وصار شيوخهم معلمين لتلاميذ كسالى لآباء نجباء وبأموال البترول المتدفق انتشرت الآراء الوهابية المنسوبة زورا لمحمد بن عبد الوهاب وانتشرت الآراء السلفية المنسوبة زورا للسلف الصالح وبات الإسلام مجموعة من الطقوس والمحرمات والآراء الفقهية المعقدة والغيبيات المستغرق فيها.إننا وباعتراف الجميع صرنا في ةهدة مقيتة ولا فخر للمتشددين من أصحاب الأهواء وعبيد العادات المتزية بزي الإسلام على انتشار اعتناق آرائهم بين المسلمين لأن انتشار هذه الآراء في هذا العصر المتردي هو دليل على فساد آرائهم وتوجهاتهم وإلا فكيف يزداد انتشار فكرهم ويزداد معه تردي حال المسلمين.إن آراءهم لو كانت هي صحيح الدين لكان للمسلمين شأن آخر ولكن الأمل لازال يراودني في بزوغ شمس العلم من جديد لتحرق ضلالات الجهل والتعصب ويعود الحق لسلطانه ولكن الأمريحتاج منا إلى مزيد من الجهد والحرص على تعلم ما ينفعنا والابتعاد عن تقديس الأسماء ولنعلم أن التعصب في الدين واختيار المتشدد من الآراء ليس دليلا على التقوى وإنما الالتزام بحدود الدين وعدم تجاوزها سواء بالتعصب أو التساهل هو مما ينبغي لنا إدراكه فليس من يصلي ست صلوات في يومه أفضل ممن يصلي أربعا فكلاهما ارتكب كبيرة من الكبائر ولكن المتقي هو من رضي بأن الفروض خمسة. وإلا فالمزيد والمقل كلاهما يظنان أنهما أكثر حكمة من الله فجعلا لنفسهما الحق في التشريع بما لم يشرع الله وكأنهم أدرى منه بما ينفع الناس .