الأحد، 24 أبريل 2011

الفقه الجنسي


نزل الإسلام في أرض الشرق كي يشع نوره إلى العالم بأسره ولكن رجل الشرق أبى إلا أن يصبغ الإسلام بصبغته الشرقية لا الصبغة الشرعية متناسيا قوله تعالى ( ومن أحسن من الله صبغة ) فجعل عاداته وتقاليده حاكمة على شرع الله بل ألبس هذا الشرع زي العادات والتقاليد كي يكسبها قداسة تجعلها غير قابلة للنقاش مسلطا سيف التكفير والتجهيل ضد كل من ينتقدها أو يجرؤ على إعلان اختلافه معها.
ولأن الرجل الشرقي يتميز بأنه غيور يقدس المرأة إلى درجة أنه يحولها إله لا يكتسب قدسيته إلا إذا تم حبسه في صندوق من العادات والتقاليد التي تحولت مع الوقت إلى فتاوى وثوابت إسلامية من يفكر فقط في الاقتراب منها يضع رقبته تحت مقصلة التكفير.
وإلا فبماذا نفسر وضع الحجاب ثم النقاب في منزلة أعلى بكثير مما يستحقها – وبحسن الظن بي لا تعتقد أني أنكر فرضية الحجاب وأهميته – ولكن الأمر وصل إلى أن أصبح الحجاب هو محور حديث الشيوخ والدعاة على اختلاف انتماءاتهم وأصبح هو الرمز الذي يفرق به الناس بين المهذبة والمستهترة حتى صار الشكل أهم من الجوهر وبات الحجاب نهرا يغسل عن الضمائر أدرانها فلا تشعر النفوس بهذه الأدران التي لم تمح ولكنها توارت فقط خلف قطعة القماش تلك وظنت صويحباتها أنهن ملائكة فوق مستوى البشر وهن في الحقيقة غارقات في الطين إلى آذانهن ونسوا المبشرة بالنار التي كانت تصلي وتصوم وتقوم الليل وتؤذي جيرانها.
وبهذه النظرة خرجت علينا أعاجيب الفتاوى فظهر علينا من يحرم الاختلاط بين الرجال والنساء ومن يزعم أن صوت المرأة عورة وأن صلاة البيت خير للمرأة من صلاتها في المسجد أو من يحرم عمل المرأة تحت دعوى ( وقرن في بيوتكن ) على غرار ( ولا تقربوا الصلاة ) أو من يحرم الألوان الفاتحة فب الملابس أو من يجعل مصافحة المرأة أشد من الضرب في الرأس بمخيط من حديد بل وغرقنا في نمص الحواجب وتشقيرها ونوع الزينة التي للمرأة أن تبديها بل والله سمعت من حرم على المرأة لبس العباءة لأنها تبرج.
كل ذلك وغيره نتج بسبب التفسير الجنسي للإسلام الذي يجعل الشهوة والإثارة هي المنطلق نحو الفتيا تحليلا وتحريما وإن لم يكن هذا هو السبب فما السر في أن أول إتهام لمن ينكر ذلك العيب في رجولته ونخوته فالأولى اتهامه في إسلامه لا رجولته إن كان الدين هو الباعث على ذلك حتى وقع الكثيرون في خطأ التطرف في التحديد فظن البعض أن الإسلام لا يعرف الحل الوسط رغم أنه دين الوسطية وظنوا أن كل فعل إما حلال وإما حرام متناسين أن هناك منتطقة بينهما نستطيع أن نسميها النصيحة فالأمر ليس بهذا القطع الذي يصورونه فمثلا عندما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما اجتمع رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) يتحرك التفسير الجنسي في عقل المفتي ليقول الخلوة حرام في حين أن الأمر لا يعدو النصيحة التي تنصح الرجل والمرأة بعدم الخلوة حيث أن الخلوة في حد ذاتها لا تمثل حراما وإنما ما قد ينتج عنها هو الحرام ومع تطور الأمر وصلنا إلى فتاوى غريبة من قبيل حرمة جلوس المرأة على الانترنت دون محرم لأنها طبعت على العهر وأن طبيعتها تميل إلى الشهوة ومن قبيل القول بإرضاع المرأة لزميلها في العمل وغيرها من الفتاوى المبنية على التوجس الجنسي وعلى اعتبار أن المرأة كائن يحتسي الجنس ليل نهار وأنها مخلوق عقله في أعضائه الجنسية.
إننا يجب أن نقف عند حدود الله لا نتعداها ولا يجب أن نظن أن تحليل الحرام جريمة أشد من تحريم الحلال فكلاهما جريمة وليس الورع بكثرة التحريم وإنما الورع أن تكون وقافا عند حدود الله حريصا عليها تحلل ما أحل وتحرم ما حرم دون أن تدع للأهواء منبر الألوهية لتعتليه فتشرع ويصبح إلهنا هوانا .
وأخير على من يشك في نواياي من وراء هذا الموضوع أن يعاملني بحسن الظن فوالله ما هو أخوف على الإسلام مني .

ليست هناك تعليقات: